رصد-أثير
إعداد: داليا الفرعية
قبل أن نبدأ موضوعنا نخبركم بقصة الطفل أحمد الذي كان لا يترك جهازه اللوحي أبدًا، يستيقظ عليه، وينام وهو ممسك به، لا يلعب، ولا يزور أحدًا، ولا يبتسم كثيرًا.
في يوم ما تعطّل الجهاز، فجلس حزينًا، حينها عرض عليه والده الخروج للحديقة، تردد، ثم وافق. هناك، ركض وضحك ولعب لأول مرة منذ شهور.
في نهاية اليوم قال لأبيه: ”لم أكن أعرف أن الحياة جميلة هكذا!“
ومن ذلك اليوم، بدأ أحمد يُطفئ الشاشة… ليعيش الحياة.
قد تتشابه قصة أحمد مع قصة أحد أبنائنا؛ ففي عصرنا الرقمي الحالي، أصبحت الشاشات جزءًا لا يتجزأ من حياة الأطفال اليومية، إلا أن استخدامها المفرط يطرح تساؤلات حقيقية حول تأثيره على نموهم وصحتهم النفسية والذهنية، حيث إن الوقت الذي يقضيه الطفل أمام الشاشة يؤثر بشكل جزئي على نموه، لكن تلك التأثيرات ليست مطلقة، إذ تعتمد بدرجة كبيرة على كيفية استخدام الشاشة، ونوعية المحتوى المعروض.
”أثير“ رصدت من عدة مواقع إلكترونية أبرز آثار الشاشات على الأطفال، وكيف يمكن تنظيم استخدامها والتقليل من أثرها كما في الآتي:
الأثر على أدمغة الأطفال
يتضح أن الأطفال الذين يمضون أكثر من ساعتين يوميًا أمام الشاشات يظهرون أداءً أضعف في اختبارات اللغة والتفكير. بينما أولئك الذين يمضون أكثر من 7 ساعات يوميًا، يعانون ترققًا في قشرة الدماغ، وهي المسؤولة عن العمليات المعرفية العليا كالاستنتاج والتفكير النقدي. كما وُجد أن هؤلاء الأطفال يواجهون صعوبة في التفاعل مع الأنشطة غير الرقمية، مثل اللعب في الهواء الطلق؛ ما قد يعوق تنمية مهاراتهم الحركية والاجتماعية.
الأثر على مراحل نمو الطفل
الطفل في سنواته الأولى يكتسب المعرفة من خلال استكشاف البيئة المحيطة، ومراقبة أفراد أسرته وتقليدهم، إلا أن الإفراط في استخدام الشاشات يقلل من فرص هذه التفاعلات الطبيعية، وتقييد تركيز الطفل في اتجاه واحد؛ ما يضعف مهاراته في التفاعل والتجربة، وبالتالي ينعكس سلبًا على تطوره الطبيعي.
الأثر على المهارات اللغوية والتعليم من البيئة
غالبًا ما يُعرف الأطفال على الشاشات قبل إتمامهم ستة أشهر، رغم أن الدراسات تؤكد أن الطفل لا يبدأ في فهم محتوى الشاشة إلا بعد عمر العامين، وأكد الباحثون أن التعلم الفعّال يتم من خلال التفاعل مع البيئة، كاللعب مع الكبار والحوار معهم، بينما يؤدي الاعتماد على الشاشات إلى انخفاض التركيز ومعدلات القراءة بين طلاب المرحلة الابتدائية.
كما أشارت الدراسات إلى أهمية الحوارات التفاعلية مع الطفل لتعزيز مهاراته اللغوية والاجتماعية، إذ إن التفاعل المباشر يساعده على تقليد تعبيرات الوجه والتواصل الفعّال، بخلاف التلقي السلبي من الشاشات الذي لا يوفر النموذج اللغوي الكافي.
نصائح لتنظيم استخدام الشاشات:
وفي هذا السياق، فإن الأجهزة الذكية أصبحت جزءًا من الواقع اليومي للأطفال، لكن إدارتها بذكاء يمكن أن تحقق توازنًا صحيًا بين الترفيه والنمو العقلي والبدني، ويمكن تلخيص أبرز النصائح في الآتي:
1. وضع قواعد واضحة: يجب الاتفاق مع الأطفال منذ البداية على عدد الساعات المسموح بها، مثل استخدامها بعد إتمام الواجبات أو في أوقات محددة.
2. إنشاء جدول يومي متوازن: تقسيم الوقت بين الشاشات والنشاط البدني، والقراءة، واللعب اليدوي.
3. تفعيل الرقابة الأبوية: استخدام أدوات الرقابة لتحديد نوعية المحتوى ومدة الاستخدام.
4. اختيار المحتوى المفيد: توجيه الطفل نحو تطبيقات تعليمية وألعاب تفاعلية تحفّز التفكير.
5. المشاركة العائلية: مشاهدة المحتوى مع الطفل يعزز العلاقة ويتيح الرقابة دون تدخل مباشر.
6. توفير بدائل جذابة: مثل ممارسة الرياضة، الرسم، أو الطهي.
7. القدوة الأبوية: تقليل استخدام الأهل للأجهزة أمام الطفل يعلّمه التوازن.
المصادر: